Thursday, May 5, 2011

الليبرالية يعنى امك تعرف تلبس حجاب .. ايوة امك انت

أنا ليبرالي
مقال لـ : وليد فكرى


أؤمن بأنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أصلي وأزكي وأصوم، لا أشرب الخمر ولا أزني ولا أسرق ولا أقذف المحصنات ولا الناس رجمًا بالغيب..

أؤمن بأن موسى نبي وكتابه التوراة، وعيسى نبي وكتابه الإنجيل، ومحمد نبي وكتابه القرآن، وأبو كل هؤلاء إبراهيم -عليهم جميعًا الصلاة والسلام- هو سمّانا المسلمين..

أؤمن بأن الإسلام دين ودولة.. وأنه لا شريعة أكمل من شريعة الله عز وجل..

أنا ليبرالي.. لست ملحدًا ولا علمانيًا ولا منحلاً.. لا أحلّ حرامًا ولا أحرّم حلالاً.. لا أفصل الدين عن الدولة، ولا أختصره في ركعات وسجدات في المسجد..

فهل لديك دقائق لتتعرف على وجهة نظري؟

الليبرالية تعني..؟

ما معنى الليبرالية؟ ببساطة هي تعني "التحرر"، ولكن أي تحرر؟ هل هو التحرر من كل ضابط ورابط؟ بالتأكيد هي ليست كذلك وإلا لتحولت إلى همجية وحيوانية ورِدّة للإنسان -الذي كرّمه الله تعالى- إلى عصور التخلف والانحطاط.

الليبرالية ليست ترخيص الدعارة والسماح بسبّ الذات الإلهية -والعياذ بالله- والتصريح للشواذ بالزواج، ولا هي أن نقول للدين "بيتك بيتك" ونقول للشيوخ "خليكم مع نفسكم".. الليبرالية هي حركة تحريرية للفرد من أن يكون مجرد ثور مربوط في ساقية أكل العيش يركض من عصا الحكومة وخلف جزرتها، وهي تحرير لمؤسسات الدولة والمجتمع من أن تكون مجرد جهات تنفيذ لـ"توجيهات السيد الرئيس"، وتنقية للإعلام من أن يكون بوقًا للسلطة وللصحافة أن تتحول لمجرد "رقّاصة" تزغرد خلف موكب المسئولين..

والليبرالية ليست عكس "الإسلامية" بل هي عكس "الشمولية"، فالنظام الشمولي -كالاتحاد السوفيتي السابق مثلاً- هو نظام يقوم على مؤسسة حاكمة تمسك بقبضتها كل مؤسسات الدولة: تعليمية وإعلامية وثقافية ودينية وقضائية وبرلمانية، وتسخّرهم جميعًا لخدمة فكر أو تيار معين، أو طبقة حاكمة معينة -كما كانت مصر منذ 1952- مما يعني أن حالك كمواطن هو "النظام من ورائك ومن خلفك فأين المفر؟" ولكي تعيش بسلام يجب أن "تمشي جنب الحيط" حتى تقرر الحكومة بيع الحيط للقطاع الخاص في صفقة فاسدة! ولو أنك تريد الترقي في مجالك فعليك أن تحزّم وسطك، وتقوم بزيارة لبعض مناطق شارع الهرم وشارع محمد علي؛ لتتعرف على طبيعة عملك كـ"محسوب من محاسيب النظام".. هكذا تسير الشمولية متأبّطة ذراع الديكتاتورية لتفسدا عليك حياتك وتجعلاك، على حد قول العبقري بلال فضل: "تفضّل الموت في مركب على سواحل إيطاليا عن أن تعيش على أرض مصر".

هذا هو النظام الشمولي الذي ترفضه الليبرالية، وليس النظام الإسلامي.
الليبرالية تقوم على فكرة تحرير المؤسسات في الدولة من أن تكون في قبضة واحدة، فتكون للمؤسسات الثلاث "القضائية - التنفيذية - التشريعية" استقلالية عليا لا مساس بها، وتمارس كل منها الرقابة على بعضها بعضا، بالذات رقابة السلطتين القضائية والتشريعية على السلطة التنفيذية.

وكذلك باقي المؤسسات تحصل على استقلالها في ظل النظام السياسي الليبرالي، فيكون الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية مستقلين، والصحافة والإعلام والجامعات والمؤسسات الثقافية... إلخ. ويصبح التعيين في مختلف المناصب الجامعية والأزهرية والصحفية والإعلامية بالانتخاب الداخلي، بينما تولي منصب المحافظ أو العمدة أو رئيس الحي بالانتخاب العام بين أبناء المنطقة المختصة.. ومن نافلة القول أن هذا النظام الانتخابي يمتد لوظيفتي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

ليبرالية.. لا انحلال ولا علمانية
سؤال: هل ترى فيما سبق أي اعتداء على الشريعة الإسلامية أو تعارض معها؟
بالمناسبة، الليبرالية لا تعني تحرير المجتمع من القيود، بل هي تمارس فرضًا قويًا للقيود على الحريات الفردية لأجل حرية المجموعة، ويتم تطبيقها وفقًا لهوية المجتمع وضوابطه الدينية والأخلاقية وتقاليده الراسخة، فمثلا لا تسمح الليبرالية في المجتمع المتدين بفتح بيوت الدعارة، حيث يتعارض هذا مع طبيعة المجتمع، ويؤذي مشاعر الأغلبية المتدينة، ولا تسمح بفرض قيود على الحريات الدينية، فتمنع الليبرالية مثلا فرض قواعد تمنع المحجبات أو المنتقبات من العمل في هذا المكان أو ذاك، نعم.. الليبرالية تعني "إن أمك.. أيوه أمك إنتَ.. تقدر تلبس الحجاب بل والنقاب كمان لو عايزة"!

والليبرالية تفرض على مؤسسات الدولة مراعاة توجهات الشعب، ففي بلد ذي طبيعة شعبية متدينة مثل مصر، وهوية إسلامية قوية، تفرض الليبرالية على المشرّع أن يجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، والشريعة المسيحية المصدر الرئيسي للأحوال الشخصية والدينية لأهل الكتاب، وتفرض على القاضي أن يحترم في أحكامه شرع الله، وتدعو مؤسسات الدولة لاحترام التخصص الديني للأزهر، أسوة بكل مؤسسة متخصصة مستقلة، أي أنها لا تقف عند منح الحرية، بل تمارس دورًا إيجابيًا في حماية هوية الدولة؛ باعتبار أن هذا هو المطلب الشعبي العام.. والتوجّه الاجتماعي للمصريين.

وتطبيق الليبرالية في مصر يتعارض تمامًا مع العلمانية، ففي المجتمع المصري المتدين منذ آلاف السنين لا يمكنك فرض العلمانية إلا بالقوة، حيث إنك لو حاولت فرضها بالإقناع لفشلت؛ نظرًا لتصادمها مع طبيعة متدينة راسخة في الجذور المصرية منذ عهد مينا وزوسر وخوفو، وعلى اختلاف الأديان التي مرّت على مصر، فتبقى الطبيعة المتدينة ثابتة، بالتالي أنت مضطر لو أردت أن "تعلمن" مصر أن تفرض العلمانية بقانون أو بالقوة -كما يفعل الجيش في تركيا- وهذا يعني أنك ستتحول لنظام حكم شمولي، والشمولية عكس الليبرالية، أي أن نتيجة المعادلة تصل بنا إلى أن تطبيق الليبرالية في مصر يرفض تمامًا العلمانية؛ باعتبارها اعتداء على هوية المصريين التي تحميها الليبرالية!

المنحلّون
ماذا إذن عمّن يطالبون بأمور مثل: حماية "حقوق" الشواذ - منع الخدمة العسكرية باعتبارها امتدادًا للرِق - السماح بالحريات الجنسية - الترخيص للدعارة - إلغاء تجريم ازدراء المقدسات- وغيرها؟

هؤلاء يا سيدي الفاضل ليسوا ليبراليين، هؤلاء بصريح العبارة "منحلّون" يريدون لمصر أن تتحول لماخور كبير "يبرطعون" فيه، وهم -رغم علوّ أصواتهم- قلّ "مِندِسّة" (بكسر الميم!) بيننا معشر الليبراليين، وما دمنا نقول "لا تظلموا السلفيين -مثلا- بخطأ قلة منهم" فبالتالي العدل مطلوب مع الليبراليين بعدم التعميم عليهم في الحكم.. فنحن نطالب بـ"ليبرالية الحُكم وإدارة الدولة" لا بـ"انحلال المجتمع" عن ضوابطه الدينية والأخلاقية..

والخوف من أن يؤدي النظام الليبرالي إلى انطلاق "المنحلين" وترويجهم لأفكارهم هو خوف في غير محله، فهم لن يجرؤوا على أن يُخرِجوا دعاواهم خارج دوائرهم، فهم مكشوفون لدى المثقفين، وأما عن رجل الشارع البسيط، فيمكنك -عزيزي القارئ- أن تتخيل رد فعل رجل الشارع في منطقة شعبية -مثلا حي بحري بالإسكندرية- إزاء شاب رقيع يقول له: "عايزين نعمل بيت دعارة في شارعكم" أو "محتاجين تأييد حضراتكم في حملة للسماح بزواج الشواذ!" أعتقد أن الثانية التالية لهذا القول الأحمق ستشهد ظاهرة طبيعية سكندرية شديدة الخصوصية تعقبها إصابة الشاب المذكور بصدمة عصبية!

ختامًا: لماذا نسميها إذن الليبرالية
ربما يسألني البعض: ما دامت الليبرالية لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية فلماذا نأخذها باسمها ولا نعتبرها مفهوم "الحرية" الإسلامي؟

لا بأس فلنسمها الحرية، أو التحرر، فـ"الليبرالية" مجرد مسمى "علمي" للحالة اعتادت الأذن سماعه، والتاريخ الإسلامي حافل بالنظم الأجنبية التي دخلت لنا بأسمائها، كنظام "الدواوين" -وهي كلمة فارسية- الذي أدخله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأصبح له فعل في اللغة هو "دَيوَنَ" و"التدوين"، ونظام "الوزارة" الذي أدخله العباسيون عن الفرس، و"الوزير" لفظ فارسي (وليس من "الوزر" كما هو شائع) استخدمه القرآن نفسه، حين جاء في دعاء موسى عليه الصلاة والسلام: {واجعل لي وزيرًا من أهلي}. فلا بأس باستخدام المسمى الشائع إذن.

ويا سيدي لن نختلف.. سمّها ما تريد: الليبرالية، الحرية، ميرفَت على اسم خالتها! لا بأس، المهم التطبيق لا الاسم، فالشيخ محمد حسان مثلا تحدّث في هذه المسألة منذ أيام حين قال: "ما دامت الديمقراطية هي الشورى فطبّقوها ولتسموها بأي اسم شئتم"..

لن نختلف على المسميات، وحتى لو اختلفنا، فالمهم عندي أن تكون قد فهمت وجهة نظري، وطرحت عن ذهنك الشائع من الأفكار السوداء عن الليبرالية..

بقي أن أقول إن ليبرالية مصر غير ليبرالية أمريكا، وتلك الأخيرة تختلف عن ليبرالية فرنسا... إلخ. الثوب يتم تفصيله على مقاس المجتمع، لا العكس، ولا بأس من الأخذ من الآخر ما دام لدينا "فلتر" اسمه الإسلام.

No comments: