Saturday, March 30, 2013

حينما تصبح احلامنا معلقة بعالم اخر





"كانت تجرى لاهثة وراءه,تحاول ان تثنيه عن الذهاب فكرت لو انها تستطيع ان تركض من بيتها فتصل الى الطريق الصحراوى قبله وتوقف الشاحنة التى ستصدمه وترديه قتيلا وتردى معه احلامها وحياتها هى الاخرى,انشغلت بجمع اغراضها فالتقطت الحقيبة الكبيرة وجمعت بها ملابسها همت باغلاقها فتذكرت الفستان الرمادى الذى يحبها ان ترتديه فعادت لتحزم حقيبتها من جديد على عجل لتتفادى نسيانه.لازالت اغراضها مبعثرة حاولت جمعها فى حقائب اخرى..همت بالرحيل واثقة انها ستلحق به قبل ان تصدمه الشاحنة ولكنها تذكرت طوقها الذهبى فهو فى مكانه لم يبرحه كيف لها ان تنسى هديته التى كد وعمل وبذل الكثير من الجهد ليهديها اياها,عادت بثقل حقائبها لتأخذ الطوق فتعثرت فى الطريق وسقطت,وتبعثرت حقائبها على الارض وانغمست متعلقاتها بالتراب..بكت كثيرا حتى اتاها رنين الهاتف ليخبرها المارة ان شاحنة قد صدمته وهو يعبر الطريق, صمتت لحظة وظلت تجاهد لتلملم حاجياتها وتعيدها نقية بلا تراب ولا غبرة..وحينما حاولت استيعاب ما حدث لتوه ادركت انها متسببه بموته فقد كانت تستطيع اللحاق به لو تخلت عن جمع اغراضها ووفرت ذلك الوقت كله لتقطع الطريق..وتذكرت انه لم يكن بقدورها قطع تلك المسافة واللحاق به لتحذيره.حينها بدأ وعيها فى العودة مرة اخرى بينما عقلها الباطن يتلاشى بافكاره لتدرك انها لم تكن تعلم بالاساس ان الشاحنة ستصدمه وانه ودعها لينهى اوراق سفره ولم يحن ميعاد سفرها بعد لتحزم هى حقائبها..حينها ادركت انها لم تكن تسطيع منعه ولا تستطيع استعادته ولن تستطيع الكف عن لوم نفسها لموته..هنا استيقظت من حلمها"

بدأت تفيق من حلم متكرر واذا بفيروز تشدو من المذياع "وانا صرت اكبر وشادى بعدو صغير عام يلعب ع التلج"
اذن الكل متآمر , حلمها وفيروز والمذياع بل وصوت العصافير الذى لا يكف عن مناجاة الخالق والتى تشعرها دائما بان صوتها رسالة لها يبعث اليها بها اليها من مكانه ليطمن عليها
حكت لها جدتها ذات يوم ان جدها يبعث بحشرة مضيئة تحمل جزءا من روحه لتطمئن عليها وتسألتها الحشرة عن احوالها واحوال اولاده واحفاده فتطمئن وتعود لجدى لتطمئنه على احوالنا
_ دى خرافات يا تيتة
_ متقوليش كدا يا بنت حرام عليكى دى حاجة معروفة
تجاريها البنت وتومأ برأسها , تشعر بها للجظة وتترك لها اجمل خرافة تستطيع ايهام نفسها بها لتكتسب صبرها وسلوانها وتؤنس ساعات افتقادها له بالبحث فى الاجواء عن الحشرة المضيئة لعلها تجدها وتتسلم رسالتها من العالم الاخر حيث يسكن نصفها الثانى الذى سبقها الى هناك.
تبتسم جدتى حينما تتحدث عن الحشرة المضيئة  بل واحيانا نسمعها تنادى بصوت عالى متعمدة ان تُسمعنا لعلنا نصدق نداء قلبها لزوجها الراحل
"اهلا اهلا يارب تكون بخير يا سيد الناس "
تضحك امى حين تسمع جدتى تنادى على ابيها مرحبة بالحشرة المضيئة
-         هى رجعت تنادى عليه تانى ؟
-         ايوة يا ماما مقتنعة ان الحشرة رسالة من الجنة
-         سيبيها تعيش على الامل   
امى لا تتحدث مع الحشرة المضيئة ولا تتسلم رسائل من ابى من عالمه الذى يسكن فيه الان هى فقط تذكرنا كل صباح ومساء انه لابد له وان يفخر بنا حيث هو والا نفعل ما قد يغضبه ويجعلنا نخجل من مواجهته يوم يجمعنا به الله فى الجنة.
تثق امى بان الله سيدخلنا الجنة وتؤكد عن ذلك باننا لم نؤذى احدا ولم نقصر تجاة من يطلب العون فلم لا يدخلنا الله الجنة

للجنة ابواب سبعة جميعها معلق عليها اسم الله الرحيم فبرحمته فقط يهون علينا مصائب الدنيا وهول الحساب والصراط, حديث امى يزيدنى يقينا بمكانى فى الجنة فهؤلاء الذين يفقدون احبائهم هم اكثر الناس تعلقا برحمة الله واحوجهم لعونه ليواصلوا حياتهم التى كتبت لهم ان يعيشوها بعيدا عن من تعلقت بهم قلوبهم, هؤلاء الذين لم يحن ميعاد حزم حقائبهم بعد ولازالوا ينتظرون نداء احبتهم من عالم اخر.. تظل قلوبهم معلقة بذلك العالم ويصير الامر اشبه بالحلم الذى يحاولون ان يروه عنوة لعل ابتسامة من احبائهم تعينهم على فراق لم تزل الامه مبرحة رغم مرور السنين

وتظل فيروز دوما تذكرنى بانى اكبر وانه سيظل على حاله , عام يلعب ع الثلج