Sunday, March 31, 2013

امينة

تتهادى مخترقة شارع جانبى يبعد عن بيتها مسافة شاسعة..تدق الباب تنتظر طويلا ولا مجيب..تعيد الطرق ولكن هذه المرة بصورة اعنف فالبرد اوشك على تجميدها والمطر بدأ فى التساقط كحبات الحصى على ثوبها الاسود الخفيف..لاتملك غيره ولم تتجرأ يوما على التفكير فى شراء بديل له فاولادها الاربعة اولى بكل مليم كما تردد دائما..اخيرا يأتيها صوت حارس العقار متأففا من ايقاظها له فى عز نوة طوبة على حد تعبيرة

-ايه اللى جايبك بدرى كدا انتى جاية تمسحى السلالم ولا تبيعى لبن
-انت اللى نومك تقيل الشمس طلعت بقالها مدة
-انا عارف السكان متمسكين بيكى ليه مش انا اولى بالسبوبة دى
 -رزق العيال هتبصلى فيه

يسحب احدهم المصعد ويعود من جديد حاملا فتاة الدور العاشر .. الجميلة ذات العطر الفواح حاملة لحقيبتها وتهم بالذهاب الى جامعتها ,, تجدها ام ليلى فرصة سخية فتمسك باناء الماء والصابون وتسبق الفتاة الى سيارتها التى تعطيها عشرين جنيها وتطلب منها الاسراع بالانتهاء من تنظيف السيارة لتلحق بجامعتها.
هكذا هى ام ليلى .. تأتى يوميا لمسح الدرج فى البناية بعد اخذ اذن سكانها بان يسمحوا لها ان "تسترزق" منهم فتخرج بحفنة من الجنيهات  وتستكمل مشوارها فى تنظيف البنايات واحيانا فى تنظيف الشقق حسب طلب السكان فتأخذ ما فيه النصيب من اموال قليلة وطعام واحيانا ملابس قديمة زهدها اصحابها فتكون من نصيب ليلى واخوتها الثلاث
تستطيع ام ليلى ان تأمن العيش المحترم لاولادها فى مقابل التخلى عن صحتها وشبابها واحيانا كرامتها ,, فنحن فى مجتمع لازال يرى ماسحة الدرج ومنظفة المنازل بمثابة امة حبشية ليس لها الا السمع والطاعة ,, القليل هم من يقدرون قيمة الانسان ويعلمون ان كلمة "سعادتك" التى تقولها لاحد فى عمر ابنتها هى بمثابة ضربة سيف لانسانيته وليست مدعاة لتكبره واحتقاره لها.
فى ذلك اليوم لم تكن ام ليلى فى اسوأ احوالها فكانت قد رزقت من حيث لا تعلم بما يفوق المائتى جنيها وهو امر استثنائى لا يحدث معها الا فى موسم الاعياد .. ولكن اليوم ورغم الشتوية القارصة الا ان الكثير طلبوا منها تنظيف بيوتهم او كما يسميه المحترمون منهم "المساعدة فى اعمال المنزل" وهمت ام ليلى تذهب الى السوق وفى طريقها لفت نظرها معطف معلق فى احد شوارع وسط المدينة .. كان يشبه ذلك الذى ترتديه صاحبة البناية التى تعمل بها صباحا .. دققت فى سعره فاسعفتها شهادتها الابتدائية التى حصلت عليها منذ ثلاثون عاما وقرأتها

-ت خ في ضا ت .. تصل ل ستين .. 80 جنيه

لعبت الفكرة برأسها وفى دقائق قررت ان تكسر القاعدة وتشترى المعطف .. خرجت به من المتجر وكأنها عادت لتوها من رحلة صعود اعلى قمة جبلية فى العالم..ظلت تحرك الكيس فى ييدها كالاطفال وتمشى الهرولة حينا والهوينة حينا اخر,, كانت فرحة بمعطف العيد الذى لم يأت فى العيد ولكنه فى كل الاحوال اتى 
فى طريقها تعثرت امام متجر ادوات منزلية فسقطت على الارض وانجرحت قدمها فى زجاج كان صاحب المتجر قد تخلص منه بوضعه جانبا لتأتى المسكينة وتتعثر به..هرول صاحب المتجر اليها ليطمئن عما حدث فاذا بحذائها المهترىء قد صار قطعتين وقدم السيدة تذرف دما..فى ثوان لملمت اشيائها ووقفت معاندة لنزف قدمها ولم يحزنها الا شكل الحذاء الذى لا تملك غيره وستضطر ان تدفع ثمنا لتصليحه.
اصر صاحب المعرض ان يطمئن عليها ويذهب بها الى المشفى ورغم محاولاتها اتثناءه بقولها "بسيطة" الا ان الرجل اصر والح عليها لتركب سيارته وتسمح له بالذهاب معها للمشفى 

-بسيطة خالص دى كانت حتة ازازة هى اللى عاملة الوجع والجرح حتى مش محتاج خياطة 

كان ذلك الطبيب مخاطبا اياها وبعدها اخبرها انه ضمد لها جرحها الصغير وانها تستطيع ان تمشى على قدميها بلا ايه مشاكل.. ارتعبت ام ليلى من فكرة جرح قدميها فان جلست فى بيتها لوجع اصاب قدميها فمن اين تأكل وتعلم اولادها..اربعة اولاد فى مراحل تعليمية مختلفة اكبرهم ليلى لازالت فى الثانوية العامة ولن تسمح لها او لاحد من اولاها ان يساعدها او يعتاد على الشقى كما كانت تكرر دائما
اتكأت على صاحب المعرض الذى طمأنها واصر ان يشترى لها حذاءا بدلا من ذلك الذى قضى اجله فى الحادثة ووافقت على مضض وفى الطريق ظلت تتحدث معه وتخبره عن اولادها وهو يسمعها بانبهار وكأنها مراهقة فى السادسة عشر من عمرها تقص عليه روايات صديقاتها وليس امرأة اربعينية تحدثه عن اطفال يتامى ظلت ثمانية عشر عاما تربيهم وتعلمهم وتفتت رصيد شبابها وجمالها راضية سعيدة فى مقابل ان تراهم فى احسن الاحوال
كان يسترق النظر فى المرآة الجانبية بين حين واخر ليرى كيف تتحدث وقد لاحظ كم هى جميلة ذات عينين جذابتان وابتسامة هادئة 
وفى متجر الاحذية اختارت اقل الاحذية سعرا فاصر ان يشترى لها اغلاهم مرددا عدة مرات انها "اقل حاجة والله" وخرجت من المتجر مرتدية حذائها الجديد فوجدت نفسها فجأة تقول للرجل الذى لا تعرف اسمه بعد

 -تعرف ان دى اول مرة حد يشتريلى جزمة من ايام ما كان عندى 8 سنين

رد عليها بابتسامة هى تعى تماما ماهيتها

-اسمك ايه؟

فردت عليه بابتسامة مشابهة

- امينة

Saturday, March 30, 2013

حينما تصبح احلامنا معلقة بعالم اخر





"كانت تجرى لاهثة وراءه,تحاول ان تثنيه عن الذهاب فكرت لو انها تستطيع ان تركض من بيتها فتصل الى الطريق الصحراوى قبله وتوقف الشاحنة التى ستصدمه وترديه قتيلا وتردى معه احلامها وحياتها هى الاخرى,انشغلت بجمع اغراضها فالتقطت الحقيبة الكبيرة وجمعت بها ملابسها همت باغلاقها فتذكرت الفستان الرمادى الذى يحبها ان ترتديه فعادت لتحزم حقيبتها من جديد على عجل لتتفادى نسيانه.لازالت اغراضها مبعثرة حاولت جمعها فى حقائب اخرى..همت بالرحيل واثقة انها ستلحق به قبل ان تصدمه الشاحنة ولكنها تذكرت طوقها الذهبى فهو فى مكانه لم يبرحه كيف لها ان تنسى هديته التى كد وعمل وبذل الكثير من الجهد ليهديها اياها,عادت بثقل حقائبها لتأخذ الطوق فتعثرت فى الطريق وسقطت,وتبعثرت حقائبها على الارض وانغمست متعلقاتها بالتراب..بكت كثيرا حتى اتاها رنين الهاتف ليخبرها المارة ان شاحنة قد صدمته وهو يعبر الطريق, صمتت لحظة وظلت تجاهد لتلملم حاجياتها وتعيدها نقية بلا تراب ولا غبرة..وحينما حاولت استيعاب ما حدث لتوه ادركت انها متسببه بموته فقد كانت تستطيع اللحاق به لو تخلت عن جمع اغراضها ووفرت ذلك الوقت كله لتقطع الطريق..وتذكرت انه لم يكن بقدورها قطع تلك المسافة واللحاق به لتحذيره.حينها بدأ وعيها فى العودة مرة اخرى بينما عقلها الباطن يتلاشى بافكاره لتدرك انها لم تكن تعلم بالاساس ان الشاحنة ستصدمه وانه ودعها لينهى اوراق سفره ولم يحن ميعاد سفرها بعد لتحزم هى حقائبها..حينها ادركت انها لم تكن تسطيع منعه ولا تستطيع استعادته ولن تستطيع الكف عن لوم نفسها لموته..هنا استيقظت من حلمها"

بدأت تفيق من حلم متكرر واذا بفيروز تشدو من المذياع "وانا صرت اكبر وشادى بعدو صغير عام يلعب ع التلج"
اذن الكل متآمر , حلمها وفيروز والمذياع بل وصوت العصافير الذى لا يكف عن مناجاة الخالق والتى تشعرها دائما بان صوتها رسالة لها يبعث اليها بها اليها من مكانه ليطمن عليها
حكت لها جدتها ذات يوم ان جدها يبعث بحشرة مضيئة تحمل جزءا من روحه لتطمئن عليها وتسألتها الحشرة عن احوالها واحوال اولاده واحفاده فتطمئن وتعود لجدى لتطمئنه على احوالنا
_ دى خرافات يا تيتة
_ متقوليش كدا يا بنت حرام عليكى دى حاجة معروفة
تجاريها البنت وتومأ برأسها , تشعر بها للجظة وتترك لها اجمل خرافة تستطيع ايهام نفسها بها لتكتسب صبرها وسلوانها وتؤنس ساعات افتقادها له بالبحث فى الاجواء عن الحشرة المضيئة لعلها تجدها وتتسلم رسالتها من العالم الاخر حيث يسكن نصفها الثانى الذى سبقها الى هناك.
تبتسم جدتى حينما تتحدث عن الحشرة المضيئة  بل واحيانا نسمعها تنادى بصوت عالى متعمدة ان تُسمعنا لعلنا نصدق نداء قلبها لزوجها الراحل
"اهلا اهلا يارب تكون بخير يا سيد الناس "
تضحك امى حين تسمع جدتى تنادى على ابيها مرحبة بالحشرة المضيئة
-         هى رجعت تنادى عليه تانى ؟
-         ايوة يا ماما مقتنعة ان الحشرة رسالة من الجنة
-         سيبيها تعيش على الامل   
امى لا تتحدث مع الحشرة المضيئة ولا تتسلم رسائل من ابى من عالمه الذى يسكن فيه الان هى فقط تذكرنا كل صباح ومساء انه لابد له وان يفخر بنا حيث هو والا نفعل ما قد يغضبه ويجعلنا نخجل من مواجهته يوم يجمعنا به الله فى الجنة.
تثق امى بان الله سيدخلنا الجنة وتؤكد عن ذلك باننا لم نؤذى احدا ولم نقصر تجاة من يطلب العون فلم لا يدخلنا الله الجنة

للجنة ابواب سبعة جميعها معلق عليها اسم الله الرحيم فبرحمته فقط يهون علينا مصائب الدنيا وهول الحساب والصراط, حديث امى يزيدنى يقينا بمكانى فى الجنة فهؤلاء الذين يفقدون احبائهم هم اكثر الناس تعلقا برحمة الله واحوجهم لعونه ليواصلوا حياتهم التى كتبت لهم ان يعيشوها بعيدا عن من تعلقت بهم قلوبهم, هؤلاء الذين لم يحن ميعاد حزم حقائبهم بعد ولازالوا ينتظرون نداء احبتهم من عالم اخر.. تظل قلوبهم معلقة بذلك العالم ويصير الامر اشبه بالحلم الذى يحاولون ان يروه عنوة لعل ابتسامة من احبائهم تعينهم على فراق لم تزل الامه مبرحة رغم مرور السنين

وتظل فيروز دوما تذكرنى بانى اكبر وانه سيظل على حاله , عام يلعب ع الثلج




Thursday, March 28, 2013

عن نظرية امنا الغولة اتحدث

لنفترض جدلا قارئى العزيز انك من هؤلاء الذين كانت تهددهم امهاتهم بمجىء الغولة ان لم يهموا الى النوم فورا , ولنفترض ان تلك الغولة كانت مصدر خوف شديد لك حينما كنت طفلا لا تعى الكثير .. برأيك كيف كنت لتتصورها تفعل او تتصرف ..كيف كان لها فى خيالك الطفولى الخصب ان تبدو لتخيف الجميع وتجعله مرتاعا ملتاعا فى انتظار رحيلها باستمرار او على الاقل بانتظار اقل الخسائر منها والا تكون قد قررت ان تأخذ حياتك او حياة من تحب وان تكتفى فقط باخذ العابك وترحل
بالفعل انا الان ابحث فى خيالك الطفولى وان كنت عدت بالماضى بعيدا لتتذكر خيالاتك المخيفة من تلك الكائنات الهلامية الغير موجودة فانا قد نجحت فى الوصول بك الى الفكرة التى اريد اثباتها
يفاجئنا قيادات جماعة الاخوان المسلمين كل يوم بالقاء بالونات الاختبار فنجد ابواقهم الاعلامية من قنوات تليفزيون وصحف ومواقع انترنت تفاجنا باخبار محتملة عن تعيين فلان او تنصيب علان او اعادة هيكلة المكان المقصود الذى لطالما اثر تأثيرا شديدا فى مجريات الامور وذلك بهدف ما يعرف بيننا نحن العامة بخطة التمكين والاخونة وما يعرف بينهم هم الخاصة بالحق المكتسب الطبيعى الذى يعد اقل القليل فى مقابل ما صرفوه من سنوات اعتقال وتعذيب والاهم من هذا كله فى مقابل ما حصلوا عليه من غنيمة الصندوق الذى نصبهم على عرش السلم الاجتماعى المصرى ليصيروا اولى الامر والنهى والتقرير
ولكنهم مع علمهم باللعبة التى لا تستوعب طموحاتهم وهى الديمقراطية والتى تقدم لهم غنيمة مؤقتة مشروطة بحسن افعالهم وحسن ادارتهم وحسن تصرفهم الذى قرروا ان ينحوه جانبا ولا ينشغلون سوى بتمكين انفسهم - مع علمهم بقواعد اللعبة الضيقة قياسا بطموحاتهم وتضحياتهم كما يرون فقد قرروا الالتفاف على ذلك الامر مستغلين خيالك الطفولى المترسب بداخل عقلك الباطن وبموروثات الطفولة المتبقية بعقلنا الجمعى جميعا والتى تجعلنا نتخيل دائما ممن لا نثق بهم ولا نأمن لهم الاسوأ والاصعب
هذا الخوف الطفولى لم يحتج الاخوان كسلطة حاكمة ان يدرسوا علم نفس الانسان المصرى لكى يطبقوه عليهم ويستخدموه فى خطة تمكينهم بل هو اداة من ادوات اى سلطة تتجبر ونجد انهم قد طبقوا هذا المبدأ فى عدة مواقف جعلت منهم مصدر رعب وارعاب جعلت الكثير من الكتاب والمثقفين وناقلى الاخبار دون ان يشعروا يضخمون من احداث صغيرة ويحاولون ايقاظ الناس لخطط غير معلنة بشكل لم يزد الناس تجاة الاخوان سوى ذلك الخوف من المجهول وخشية الغموض الذى يلوح فى افقهم ويرونه قد يؤثر فى مجريات حياتهم مما صعب الامر علي جميع الذين يحاولون بذر ثمرة التغيير فى النفوس والعقول
فلا تتعجب عزيزى القارىء حينما تسمع قياداتهم تتحدث عن اعادة هيكلة للمخابرات او الجيش او الداخلية او كل تلك الاسماء المرعبة التى توحى لك انهم على مقربة من امتلاك ذمام امورها وامورك
ولا تأخذك الدهشة حينما تسمع رئيسهم المعار بدلا من ناب مرشدهم بتحدث عن التضحية بالبعض او التلويح باصابعه او اى شىء اخر
هم يستغلون خوفك الطفولى من تلك الغولة التى لا ترى وجهها وهى فقط كيان ضخم وعملاق مختفى فى ملاءة تسمى الاخوان المسلمين
كل ما عليك هو العلم بل واليقين بان كشف الملائه عن تلك الغولة لن يصدر عنه رؤية وحش ضخم قادر على تعكير صفوك
بل هى اقزام متراصة فوق بعضها يحركها رجل ويحدث لها تلك الضجة
فقط كل ما عليك فعله هو ادراك ان تهديد والدتك بامنا الغولة لم يكن سوى امرا طفوليا بحتا وانك ان سألتها الان ستخبرك انها كانت تمزح معك لتجبرك على النوم مبكرا,, بعد التأكد من خرافة امنا الغولة عليك الاتجاة الى الغولة التى تريد ايهامنا بكينونتها المزيفة لتكشف عنها الغطاء وتتأكد بنفسك ان الاعيب اعادة الهيكلة والتمكين من الاجهزة السيادية ومزاعم التضحية بنا عن طريق قتلنا او اعتقالنا لم تكون سوى همهمات اقزام وصلت الى مسامعك عن طريق استغلال الخوف والكبت
واذكرك عزيزى القارىء ان الوحش هو الذى يهاجم بلا استئذان و لا يهدد قبل الهجوم
ولكن الجبناء فقط هم من يهددون ويتوعدون

حدوتة

كثير منا من لديهم القدرة على سرد الحكايات واسترعاء الانتباه لسماعها واستجلاب الشغف من مستمعيهم, والقليل هم من يستطيعون ملىء فراغ الاذهان بحكاياهم واجتذاب الاذان المنصتة اليهم, والفئة الثانية هى الاكثر تأثيرا فى المجتمع حيث انهم يستطيعون ارغامك راضيا قانعا وسعيدا على شراء قصصهم واكمال مئات الصفحات من القراءة بنهم,واذا كانت الحكايا فى الادب العربى قد اتخذت اشكالا عدة بمرور الازمان لتصبح فيلما سينيمائيا او مسرحية درامية او رواية طويلة لتختلف عن شكلها النمطى الذى كان مقصورا على الاشعار والمعلقات. فانا ارى ان سرد القصص القصيرة باصوات من نحبهم على نغمات عذبة هى الاقرب الى القلب باستمرار فقد تؤثر فيك مقطوعة موسيقية مغناة وتأسرك بين طيات انغامها لتروى لك قصة مغزولة بكلمات كتبها احدهم ولم تكن لها ذاك التأثير السحرى قبل ان ترافقها الانغام.
اعرف انى لم اتى بجديد يفيد البشرية بما كتبته من سطور قرأتها لتوك..ولكنى اذكر نفسى واياك قارئى العزيز بان الظلام يلوح فى الافق ويلوك بافكاره الاظلامية التى يليقيها على مسامعنا ليل نهار ليمنع عنا تلك الرئة التى نتنفس منها اخر نسمات الحرية التى تبقت لنا من ميراث الازمان ,يريدون ان تصير حياتنا مغلفة بافكارهم ومعتقداتهم ورؤيتهم..توهموا بانهم قادرين على محو تراث انسانى كامل وعلى غزو ثقافة لطالما غلفها النور واحاطها من كل جانب ,, يريدون تحويلها الى رماد
والمفاجأة لهؤلاء والتى تعد لنا بمثابة احدى المسلمات هى ان بسط تدبيراتهم وتنفيذها امر محال ,, ان تمحو صوت واحد يعد ضربا من ضروب المستحيل فما بالك بمحو تراث انسانى كامل وطبيعة بشرية خلقنا بها منذ ادم عليه السلام الذى استوحش وحدته فى جنة النعيم فطلب من ربه راجيا ان تؤنس وحدته وتطيب ايامه بحواء ليستطيع تذوق الجمال من حوله ومشاركته مع غيره
اذن فوجود الفن مقرون بوجود عنصرين اساسيين الا وهما الرفقة والجمال
اما الرفقة فنحن باقون بقوة الهية امدت فى اعمارنا ومنحتنا القدرة على الوجود والتنفس حتى الان ,, والجمال الذين يحاولون طمسه ومحوه واستبداله بمعتقدات خاليه من الانسانية فهو عزيز المنال على امثالهم ان ينالو منه او ينتقصوه
وهكذا بقى لى ان اذكر نفسى واياكم ان مقاومة محاولاتهم لطمس هويتنا والتجرأ على ثقافتنا وتراثنا الانسانى ومواجهة دأبهم الدائم فى تغيير مفاهيمنا عن الحق والخير والجمال هو مسئوليتنا جميعا وليست فقط مسولية اصحاب الاقلام والريشات والصور
تمسكك بانسانيتك واصرارك على تذوقك للفن والجمال ورفضك العبث بمفاهيمك هو فى حد ذاته مقاومة لاحتلال ظلامى لا يبغى الا ان يكون المصدر الاوحد لرؤيتك للكون
ولكن هيهات
فمتى استعبدوا عقول الناس واذواقهم وقد خلقهم الله احرار